بيليه: كيف صنع الفتى الفقير أسطورة خالدة؟
في أحد أحياء البرازيل أضخم، وتحديدًا في مدينة "تريس كوراسوس"، وولد إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو، الذي اشتهر لاحقًا باسم بيليه، وصنع كأحد أعظم لاعب كرة قدم في التاريخ. لم يكن هناك أحد يتخيل أن هذا الطفل الذي كان يركل الجوارب المصنوعة من الورق سيكون بمثابة حجر الأساس لأسطورة خالدة التي تتردد في سماع صوتها عبر الأجيال.
البداية من لا شيء
ولد بيلي في عام 1940 من فئة فقيرة، وكان والده لاعب كرة قدم مغمورًا أُجبر على الاعتزال بسبب خفيف في الركبة. لم تمتلك العائلة ثمناً حقيقياً، وستستخدم بيليه من القماش كراته من الجوارب القديمة أو الحقائب. وعلى الرغم من الفقر المدقع، كان هناك حلمٌ ينمو في قلب الفتى، حلم لا يتحدى الظروف ولا يحاصره الحواري فقط.
بيليه لم يدخل أكاديمية كبيرة، ولم يتعلم في بيئة راقصة كما يفعل الكثير من النجوم اليوم. لعب مع أندية الهواة الصغار، وكان فريق "باورو أثلتيك كلوب" أول من آمن بموهبته. لكن العين التي لا يوجد شيء مؤكد كان المدرب "والدمار دي بريتو"، الذي اصطحبه إلى نادي سانتوس وهو في سن الخامسة عشرة فقط، وبدأت الأسطورة في التشكل.
طرد مع سانتوس
عندما وقع بيليه أول عقد مع نادي سانتوس، لم يكن قد بلغ السادسة عشرة بعد الغطس، ولكن أذهل بموهبته الفطرية، وسرعته، ودقته في التسديد. في أول موسم له، سجل بيلي 36 هدفًا في 29 مباراة، وأصبح هدّاف الدوري البرازيلي عدة مرات.
قاد سانتوس إلى ألقاب وقارية، وأصبح النادي معروفًا عالميًا بفضله. لم تكن الأندية الأوروبية غير الممثلة على الشراكة معه، ليس فقط بسبب الرسوم الفنية، بل لأن الحكومة البرازيلية اعترفت "كنزًا وطنيًا" لا يمكن له.
العالم: حيث تُكتب الأساطير
لم يكن بيليه لاعبًا عاديًا في بطولات كأس العالم، بل كان وجهًا دائمًا للمجد. في سن 17 عامًا فقط، قاد البرازيلي لتحقيق لقبها الأول في كأس العالم 1958 في السويد. سجل 6 أهداف، من جزئين في النهائي الثلاثي أمام فرنسا، وثنائية في النهائي ضد السويد، تمكن الجميع من لمس مذهول أمام موهبة هذا الفتى.
شارك في أربع بطولات للكأس العالمية، وحقق الفوز ثلاث مرات (1958، 1962، 1970)، وهو إنجاز يحقق إنجازات أي لاعب آخر حتى اليوم. بطولة 1970 كان البديل عبقريته، حيث قاد جيلًا ذهبيًا من اللاعبين ليُسجل واحدًا من أجمل النسخ في تاريخ العالم. هدفه برأسه النهائي ضد إيطاليا وصناعته لهدف كارلوس ألبرتو ومن لحظات الكرة الخالدة.
أكثر من مجرد لاعب
بيليه لم يكن لديه سوى لاعب كرة قدم، بل كان رمزًا للأمل والإلهام لملايين حول العالم. كان سفيرًا رسميًا للبرازيل، وساهم في نشر اللعبة حول العالم، خاصة في الولايات المتحدة عندما انضم إلى فريق نيويورك كوزموس في المضي قدمًا.
خارج الملعب، عمل بيليه في الأمم المتحدة وسفيرًا للنوايا الحسنة، ويتحدث دائمًا عن أهمية التعليم والرياضة للشباب. حازت جائزة نوبل على جوائز وكريمات، من ضمنها جائزة لاعب القرن من الفيفا، وأدرجت ضمن أكثر الشخصيات تأثيرًا في القرن العشرين.
إرث خالد
عندما توفي بيليه في ديسمبر 2022، لم يكن هناك سوى خبر عن وفاة نجم رياضي، بل غران الأرض لا جزء من روحها قد يرحل. احتفت به الملاعب، بكت الجماهير، وأعيد عرض لقطاته في كل شاشة السينما. تركه لا يقاس بالأرقام فقط، على الرغم من أنه سجل أكثر من 1000 هدف، بل بتأثيره الحاسم، بروحه، بابتسامته التي لم تفارقه، وبالأحلام التي طال أمدها لفترة طويلة.
بيليه كان أكثر من لاعب... كان خياراً على العشب، وكان الدليل الأوضح على أن لعبة القدم كافية، بينما يلمسونها بالموهبة والإصرار، فإنهم يرون منها مجداً لا يمحوه الزمن.