في تاريخ كرة القدم، ظهرت أحيانًا ألقابًا كبيرة على اللاعبين: "الملك"، "الأسطورة"، "العبقري"، لكن لقب "الظاهرة" كان حكّرًا على رجل واحد فقط: رونالدو لويس نازاريو دي ليما . لم يكن أمامها سوى الانضمام إلى اللاعب، بل كان إضافة حيًا للسرعة، المهارة، القوة، والعبقرية… وكل ذلك في جسد واحد.
رونالدو ليس مجرد اسم برازيلي في كتب التاريخ، بل رمز لجيل كامل من عشاق الكرة، الذين عرفوا من خلاله كيف يمكن للعب أن يكون عرضًا ساحرًا، ومأساة إنسانية، وانتصارًا لا يُنسى… كل ذلك في لاعب واحد.
الانشاء: مهمة مهمة من الحواري
ولد رونالدو في ريو دي جانيرو عام 1976، وسط عائلة متواضعة. كان والده يعمل في شركة هاتفية، ووالدته ربة منزل، ولم تكن الطفولة لطيفة، ولكنها كانت تفضل القدم. مثل الكثير من البرازيليين، نشأ رونالدو وهو يلعب في الشوارع، وأصبح مهاراته في قيادة الحافية، يراوغ في الفضاء اللامع، ويدهش من حوله دون أن يدري أنه سينشأ عالمًا جديدًا بعد سنوات.
في سن الـ16، جذب أنظار نادي كروزيرو، ومن هناك بدأت رحلة الشحن الجنونية نحو القمة.
طرد في أوروبا: برشلونة والفتى المستحيل
بعد تألقه في كروزيرو، غادر أنظار أوروبا سريعًا، فانتقل إلى أيندهوفن الهولندي، وسجل 54 هدفًا في 57 مباراة، وهو رقم يُرعب حتى في البلاي ستيشن. 1996، تعاقد معه برشلونة، وكان عمره 19 عامًا فقط.
وفي موسم واحد فقط مع البارسا، ورونالدو موسمًا خارقًا سجل فيه 47 هدفًا في 49 مباراة، ووراوغ الحراس كما لو كانوا مجرد دمى. هدفه ضد كومبوستيلا، في حين انطلق من وسط الملعب وتجاوز ثلاثة لاعبين، ما استطاع أن يكون بين أيديهم في التاريخ.
كان مختلطًا من السرعة والقوة ودقة والدهاء. لم يُشبه أحدًا قبله، ولم يأتِ أحدًا بعده يُشبهه.
الإنتر والإصابة: الأسطورة تنهار فجأة
في عام 1997، انتقل رونالدو إلى إنتر ميلان مقابل رقم قياسي، وأصبح نجم الكالتشيو، دوري الدفاعات الحديدية. ومع ذلك، لم يُعجزه أحد. كان يرعب المدافعين، ويكسب ركلات جزاء لمجرد لمسته للكرة.
ولكن، فجأة، لكنها تؤثر عليك. في عام 1999، تعرّض رونالدو لإصابة مروعة في الركبة، وتمزق طويل في الأوتار، وغاب عنها، وعاد ليُصاب مجددًا بعد الإمساك باليد من العودة. ولم يدم أجلت مستقبله، ولكن لم يبق من أجل إنهاء حياته كليكي.
لكن رونالدو لم يستسلم. يخضع لفترة دقيقة، ولكن للملاعب بعد غياب طويل. طلبت لم تكن، بل كانت ملحمية.
مونديال 2002: العودة من الجحيم
في كأس العالم 2002، كان رونالدو هو المنتخب البرازيلي. لا تزال شككوا في لياقته، ولكن لا يزال يتعين عليهم أن يشاركوا حتى كأساسي، ولكن العالم شهد 8 أهداف في البطولة، منها هدفان في النهائي ضد ألمانيا، ليقود البرازيل إلى يسحب بشكل جميل.
كان ذلك رسالة التتويج للعالم: الظهور لم تتم. لقد عاد من كارثية ليقود البلاد إلى المجد، والتوجيه بالذاء الذهبي.
ريال مدريد والسنوات الأخيرة
بعد المونديال، انضم رونالدو إلى ريال مدريد كجزء من جيل "الجلاكتيكوس"، إلى جانب زيدان فيغو وبيهام راؤول. ونتيجة لذلك، أصبحت الفصول كبيرة، أهدافًا مهمة، ولكن الوعي والوزن لاحقًا دائمًا.
ورغم كل شيء، حافظ على بريقه. ولحظه نهائيا تكفي لإثبات أنه لا يزال يملك السحر في قدميه.
انهى يسعى في كورينثيانز، ولم يعد كما كان، لكن ذاكرة الجماهير لم تُفلت تلك اللمحات التي غيّرت وجه الوجود في كرة القدم.
لماذا لا يتكرر رونالدو؟
لأن مزيج صفاته نادر. رونالدو لم يكن فقط موهوبًا، بل كان عاصفة لا تُقاوم، يراوغ كما لو أنه راقص، ويسدد كما لو أن الكرة تنجذب لقدمه، وينطلق كما لو أن الجسد لا يعرف حدودًا. حتى في لحظات ضعفه، كان أعظم من معظم نجوم عصره.
هو رمز للعبقري الذي حطّمه الجسد، لكنه انتصر على الآلام. لعب فقط قرابة 15 موسمًا، لكن بصمة كل سنة منها كانت تعادل مسيرة كاملة لكثير من اللاعبين.
إرث "الظاهرة"
رونالدو علّم جيلًا كاملًا كيف تكون كرة القدم فنًا وسرعة وقوة في وقت واحد. ألهم نيمار، مبابي، وحتى ميسي ورونالدو البرتغالي. ولعل أبلغ دليل على عظمته، أن من شاهدوه يقولون بلا تردد: "لو لم تُصب الظاهرة، لما تحدثنا عن أحد غيره".