زيدان ورأسية النهاية: لحظة صنعت تاريخاً

زيدان ورأسية النهاية: لحظة صنعت تاريخاً
المؤلف كورة بين السطور
تاريخ النشر
آخر تحديث

 


في عالم كرة القدم، هناك لحظات تُخلّف في الذاكرة لا بسبب جمالها المشترك، بل لما تحمله من رمزية استغلال نجومها. واحدة من أكثر هذه المؤثرات إثارةً وأدل البرازيلي كانت في ليلة التاسع من يوليو عام 2006، في نهائي كأس العالم بين فرنسا وإيطاليا. هناك، في قلب برلين، أسدل زين الدين زيدان بطولة هوليوود بطريقة لم تمكنها من الحصول على أحد، برأسية لم تسكن الشباك... بل ابتكرت صدر ماركو ماتيراتزي.

زيدان: قصة نجم من أصول جزائرية

زيدان، الطفل الذي نشأ في شوارع مارسيليا من عائلة جزائرية مهاجرة، لم يكن لديه لاعبًا عاديًا. منذ بداياته مع كان ثم بوردو، ثم توهّجه في نصف وريال مدريد، كان من الواضح أن هناك شيئًا مختلفًا في أسلوبه. تيريته، ولهذا السبب، على الجميع، كانت تحمل طابع الفنان، لا العامل. لم يكن أسرع أو أسوأ، لكنه كان الأذكى في الملعب.

قاد فرنسا للفوز بكأس العالم 1998 وحقق هدفه في النهائي أمام البرازيل، وأثبت للاعب ذي أصول المغاربية يمكن أن يكون فخر الأمة الفرنسية. لم يكن زيدان سوى نجمًا على العشب، بل رمزًا اجتماعيًا يجمع بين الثقافات.

مونديال 2006: آخر العروض

في 2006، عاد زيدان من الاعتزال الدولي ليقود منتخب فرنسا في محاولة أخيرة للمجد. وعلى الرغم من وجودها المتعثرة، قاد زيدان الديوك الفرنسية في رحلة إجازة جازية، متجاوزًا إسبانيا، ثم البرازيل، ثم البرتغال.

بطولة فرنسا النهائية أمام إيطاليا، فرصة اللعب لزيدان كي ويستمر بأكبر عدد من الألقاب. وبدأت كما يجب، وأدركت هدفها من ركلة جزاء على طريقة "بانينكا" سكنت طموح الجارديان بوفون ثم عبرت الخط. كان ذلك تجسيدًا لثقة زيدان وتنسيقها.

الدقيقة 110: اللحظة التي أذهلت العالم

بينما كانت تسير الأمور في اتجاه ركلات الترجيح، إلا أن الحادثة التي صدمت العالم. بدون سابق إنذار، التفت زيدان المسلحين الإيطالي ماركو ماتيراتزي ونطحه برأسه في صدره بقوة، ليسقط إيطاليا أرضًا، ويشهر الحكم البطاقة الحمراء في وجه زيدان.

كان ذلك آخر ظهور له في ملاعب كرة القدم كلاعب. مشهد خروجه من الملعب، يمر ببطء تحت كأس العالم، دون أن يخلفه، كان أقرب للدراما السينمائية منه إلى الرياضة.

ماذا حدث؟ لماذا؟

في البداية، الصمت البسيط والتكهن. لكن لاحقًا، بعد أن ماتيراتزي وجهًا لزيدان كلامًا مسيئًا لعائلته وشقيقته. لم يكن زيدان معروفًا بأنه سريع الغضب، لكنه كان يتمتع بكرامته فوق أي اعتبار. لم يُبرر ما فعله، لكنه لم يندم عليه أيضًا.

المكان أشعل نقاشًا عالميًا: هل الخطأ خطأ زيدان؟ أم أن الاستفزاز اللفظي له نفس القدر من الجُرم؟ هل يجب على الشيطان أن قديسين أيضًا؟ أم أن جزءًا منهم من العظام؟

رمزية رأسية

الغريب أن رأس زيدان لم يتمكن من التحكم في لعبة تلك اللعبة. قبلها بدقائق، كاد أن يسجل هدفًا برأسه أنقذه بوفون بشكل مذهل. ولكن الرئيسة التي تحدد في الأذهان تلك المعدات التي تتجه نحو شاب، نحو التركيز على ماتزي. فكرتها رمزية مفجعة: من المجد إلى السائق، من البطولة إلى الندم.

كيف نذكر زيدان اليوم؟

بالرغم من تلك اللحظة، لم تُطمس وهمية زيدان. بل على العكس، وتغيرت مكانته الأسطورية. لأنه، ببساطة، لم يكن من الممكن أن تكون آلة خالية من المشاعر، بل إنسانًا عبقريًا، يمكن أن تفجر بالضغط كما يفعل أي بشر.

زيدان بعد الاعتزال لم يبتعد عن المجد، بل عاد كمدرب لريال مدريد، وحقق إنجازات ناجحة، وأهمها الفوز بثلاثة ألقاب متتالية في دوري أبطال أوروبا، وهو إنجاز لم يوفقه لأحد في العصر الحديث.

النهاية التي لم تكن نهاية

رأس زيدان كان نهاية مسيرته كلاعب، ولكن بداية فصل جديد في قصة النجم رفض أن يكون عاديًا. ولا سيظل أي شيء آخر رياض الأطفال، فإن الأغلبية ستتذكر السحر، ولمسة العبقري التي لا تتكرر.

لم يكن زيدان سوى لاعبًا من المستوى الإنساني، وهو قصة إنسانية عميقة. لحظة فعالة لم تنقص عظمته، حيث أن العظماء هم من يستمدون أصولهم من أحاسيسهم، حتى عندما يخسرون.


تعليقات

عدد التعليقات : 0