زيدان كمدرب: العبقرية تتكرر من خارج الخط

زيدان كمدرب: العبقرية تتكرر من خارج الخط
المؤلف كورة بين السطور
تاريخ النشر
آخر تحديث


حين اعتزل زين الدين زيدان كرة القدم عام 2006، ظنّ البعض أن أسطورته قد كُتبت كاملة، وأننا ودّعنا أحد أعظم من لمس الكرة.
لكن النجم الفرنسي عاد من جديد، لا ليحكي التاريخ، بل ليصنعه من خارج الخط.

زيدان كمدرب لم يكن مجرد "اسم كبير يدرب"، بل عقلية استثنائية جمعت بين البساطة والدهاء، وبين هدوء المظهر وقوة التأثير.


البداية الهادئة: من الظل إلى القمة

زيدان لم يقفز مباشرة إلى الواجهة، بل بدأ مسيرته التدريبية بهدوء في فرق الشباب، وتحديدًا مع ريال مدريد كاستيا.
هناك، صقل مهاراته كمدرب، واختبر فلسفاته الكروية بعيدًا عن ضغط الجماهير والإعلام.

وفي يناير 2016، وفي توقيت بدا فيه الريال تائهًا تحت قيادة بينيتيز، قرر النادي الملكي إعطاء الفرصة لزيدان، فكانت الانطلاقة نحو واحدة من أكثر الفترات ذهبية في تاريخ النادي.


دوري الأبطال ×3… ثلاثية خالدة

خلال عامين ونصف، حقق زيدان ما لم يحققه أي مدرب في تاريخ دوري أبطال أوروبا الحديث:
3 ألقاب متتالية (2016، 2017، 2018).
إنجاز لم يتحقق منذ خمسينات القرن الماضي، حين فاز به الريال أيام دي ستيفانو.

ما جعل هذا الإنجاز مذهلًا:

  • إدارة مجموعة نجوم ضخمة (رونالدو، راموس، مودريتش، مارسيلو...).

  • تحفيز اللاعبين وتدوير التشكيلة دون إثارة الخلافات.

  • تحقيق نتائج مذهلة في مواجهات كبرى ضد بايرن، أتلتيكو، يوفنتوس، وليفربول.

زيدان لم يكن ذلك المدرب "التكتيكي المعقد"، لكنه عرف متى يتدخل، ومتى يترك النجوم يتألقون.


فلسفة زيدان: اللعب بالعقل لا بالخطة

بعكس مدربين مثل غوارديولا أو كلوب، لا يعتمد زيدان على فلسفة صارمة أو تكتيك مكرر.
هو أقرب إلى ما يُعرف بـ"مدرب اللاعبين":

  • يقرأ خصومه جيدًا.

  • يعرف كيف يهيّئ لاعبيه نفسيًا قبل المواجهات الكبرى.

  • يجيد التبديلات في التوقيت المناسب.

  • يبث الثقة في لاعبيه، حتى الاحتياطيين.

وقد قال عنه رونالدو: "مع زيدان، كلنا شعرنا أننا الأفضل في العالم."


العودة من الباب الكبير

بعد رحيله في 2018، دخل ريال مدريد فترة صعبة، وخسر بطولات عدة.
لكن في 2019، عاد زيدان لإنقاذ الفريق، ونجح في قيادته للقب الليغا 2020 في موسم استثنائي، وسط جائحة كورونا.
أثبت مرة أخرى أنه قادر على إعادة الفريق إلى سكة الانتصارات، حتى بدون كريستيانو رونالدو.


التحديات والصراعات

رغم نجاحاته، لم تكن فترة زيدان خالية من الصعوبات:

  • خلافات مع إدارة النادي بشأن الصفقات.

  • إصابات مزمنة ضربت التشكيلة الأساسية.

  • ضغط إعلامي دائم، خاصة في الموسم الأخير له (2021).

  • خروجه من دوري الأبطال أمام تشيلسي شكّل خيبة أمل كبيرة.

وفي نهاية المطاف، رحل زيدان بهدوء، تاركًا رسالة صريحة بأنه لم يُعامل بالاحترام الكافي من الإدارة.


هل نراه مدربًا للمنتخب الفرنسي؟

منذ رحيله عن ريال مدريد، كثرت الشائعات حول وجهته القادمة.
زيدان لم يُخفِ أبدًا رغبته في تدريب منتخب فرنسا، وهو حلم يبدو أقرب من أي وقت.
قد تكون بطولة كأس العالم القادمة أو يورو 2028 هي فرصته لكتابة فصل جديد من المجد.


زيدان المدرب ≠ زيدان اللاعب؟

رغم الاختلاف في الأدوار، حافظ زيدان على شخصيته:

  • الهدوء التام في المؤتمرات الصحفية.

  • الاحترام الكبير من قبل اللاعبين والخصوم.

  • الكاريزما الصامتة، التي تصنع التأثير دون ضجيج.

وإن كان زيدان اللاعب يُلهم بالعظمة الفنية، فإن زيدان المدرب يُلهم بالحكمة والنتائج.


الخلاصة

زيدان كمدرب لم يكن مجرد استمرار لمجده كلاعب… بل كان خلقًا جديدًا للأسطورة، بحلة مختلفة.
في زمن تُقاس فيه المدربين بالأفكار المعقدة والبيانات، جاء زيدان ليُعيد التوازن بين البساطة والنجاعة، بين الشخصية والخطة.

ولا تزال الجماهير تنتظر فصله القادم… لأن مع زيدان، دائمًا هناك قصة لم تُكتب بعد.

تعليقات

عدد التعليقات : 0